بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 30 أكتوبر 2007

نداء / اشراقة مصطفى حامد لناس كوستي

فوانيس
إلى آل كوستى ومحبيها
تعالوا نشق نهرا فى قلب المدينة
إشراقة مصطفى حامد
جامعة فيينا/كلية العلوم السياسية
ishragahamid@yahoo.de
مدخل من ذاكرة المطر
تظل مدينة كوستى الإجابة الصارخة فى وجه ظلم حاق بملامحها وهيبة إنسانها، مدينة لايمكن اغفال قلبها النابض فى تاريخ الوطن، فقد حملت تعدده و تمازج قبائله بمحبة ووفاء. ظلت كوستى صادحة باغنية هذا التنوع البهيج فلم تكن يوما مجرد ملتقى طرق او ميناء يربط غرب البلاد بجنوبه، بل كانت الطريق الذى يؤدى الى حتمية سؤال الوعى لكل من عبرها وكانت وطن الالفة والشعراء والثوار. وجه كوستى المدندن باغنيات طيرها المهاجر لم يعد ذات الوجه بعد ان طاله حزن السنوات العجاف وجفاف اصابها فى مقتل، فمنذ جفاف ضرب البلاد فى مايو واعقبه جفاف القيامة فى يونيو لم يهطل فيها خريف ولم يغشاها عيد وحالها يحكى جدب الروح وطرقاتها التى ماكانت تصمت عن الفرح حتى فى أحلك تضاريس المحنة، همدت فيها أغانى الصبيات لافق مافتئت المدينة تحرض عليه.
هجرها جيل كامل من تاريخ وأفئدة حكايات لثورة يقودها فقرائها، وبقى فيها من كانوا وكن أكثر شجاعة فماهابوا ظلم الحكام وجور البيئة وطنين الباعوض والملاريا التى قضت على أخضر المستقبل. بقوا للتأكيد على ملامح المدينة، لتحفظ الطرقات بعض من احلام جيل مافتىء يغنى فى اقصى حرقان القلب لكوستى.
لن تنضب ذاكرة المدينة فاللذين واللآتى حملوه وحملنها جنينا فات عليه حول الامنيات، يملحون جراحاتها كلما نقرت الفيجعة على بوابة الغياب وبقيت كوستى حلم يندى فى اقسى حريق الروح ويرطب طرقات المستحيل لجيل مظلوم اذ لم تهدهد مشاريعه زينب صالح وصوت الحقيقة تصدح به احسان عبدالكريم، جيل لم تهبه نوال حسن الشيخ بعضا من وعيها بقضية الخبز والحرية، وقائمة النشيد تطول بعمق المسافة التى يقف فى منتصفها إدريس تبيدى وعبدالسلام أبو ادريس.
إنشاد للواقع.. ضد الهزيمة
قبل الولوج الى اللغة العملية { الناشفة} أود من خلال هذا النداء حاملة { طورية} ياليد اليمنى وفانوسا باليسرى ان أمهد مع من رغب من آل كوستى ومحبيها طريقا يبدأ من هناك، من هنا ومن أى مكان محددة فيه الرؤية وواضحة فيه الخطة لتجميع طاقاتنا، فبدلا من ان تكون المجهودات فردية كالتجربة التى بادرت بها الاستاذه احسان عبدالكريم بترحيل أجهزة طبية لمستشفى كوستى الذى يعمل اطبائة وطبيباته فى أقسى الظروف المهنية، فتجربتها جديرة بالتحية ولاتريد عليها ثناء فقد كانت القيمة فى تصالح ذاتها مع رغبة أكيدة للمساهمة فى رفع فرس المدينة من كبوته القهرية. هناك العديد من التجارب المتناثرة كصيحات فرح أطفالنا وهاشم فى العيد نحتاج ان نوثق لها وان نوحد جهودنا، فالمسئولية تجاه الاوطان تبدأ حين نغرس بعض من شجيرات الامل فى صحارى المدينة الآهلة بالحزن.
رغم ان كوستى كانت نواة لبحث الماجستير حول الوعى البييىء عند نسائها مقارنة بقرية فى وسط الجزيرة { اب قدوم} الا انى كثيرا ماقرفصت عقلى داخل قلبى المنفطر من احساسى بان هناك شئى ينبغى فعله لمدينة منحتنى ومنحت ابنائها وبناتها وعابريها جذوة الوعى والرغبة فى التغيير، وهانذى أبدأ واياكم واياكن، لنشترك فى تجاربنا لاجل هذه المدينة.
لأجل كوستى تنهض مدراس اليونسكو بفيينا
لجنة مدرسة اليونسكو تتضامن مع كوستى
صلتى بمدارس اليونسكو بفيينا تعود الى عام 2001 حيث دعيت فى ندوة عن امكانية تعزيز المرأة الافريقية فى إطار مشروع قام به تلاميذ وتلميذات المدرسة التجارية التابعة لمدارس اليونسكو والتى تتبنى المبادىء العامة لهذه المنظمة العالمية، باهداء هذا المشروع لقرية فى السنغال. فى خلاصة طرحى تقدمت بمبادرة ان تتبنى المدرسة مشروعها القادم حول التضامن البيئى بين الاجيال باعتبار ان البيئية تجمعنا رغم كل الحدود المرسومة، سعادتى لاتضاهيها الا فرحة هاشم {حيينا} فى كوستى { بهدوم العيد} حين وافقوا على مبادرتى على ان اقوم بكتابة الفكرة فى شكل مسودة لمشروع يقومون بتنفيذه على المستوى النظرى القائم على توسيع مدارك اجيالهم بمعرفة مايحدث فى { عالمنا الافريقى والثالث} الفقير. تم مشروع التوأمة هذا مع مدرسة كانت مبنية من القش فى منطقة ابى سعد التى ضمت فى حضنها من نزحوا بسبب الجوع وجور الطبيعة. تم بناء المدرسة وصاحبها رفع للوعى البيىء للتلميذات فى مدرسة{ فاطمة بنت الخطاب} حيث تعاون الاستاذ محمد احمد الفيلابى البيئى والفنان الناشط فى انجاح هذا المشروع مما حفزنى لمبادرة اخرى لقرية {ود اب قدوم} ساهم فيه تلاميذ وتلميذات مدارسى اليونسكو بتوفير مياه للشرب من خلال توصيل للمياه وتسوير المدرسة ومازال المشروع مستمرا لانجاز حلم ندى بتحويل هذه القرية الى قرية نموذجية، سميناها قرية الاحلام.
هاتين التجربتين اضافن الى تجاربى المتواضعة وإحساسى بالفرحة الحقيقية تلك التى احسستها فى عيون الصغيرات ابان زيارتى لمدرسة ابى سعد المسماة { بمدرسة فاطمة بنت الخطاب}. أصبح الدرب ممهدا خاصة بعد أختيار مشروع مدرسة ابى سعد كافضل مشروع قامت به مدرسة اليونسكو فى ذاك العام ووثقوا له بعد مقارنة صور المدرسة فى وضعها الاول ووضعها الاخير. الشىء الذى حفز منظمة اكسوفام فرع السودان لتبنى هذه الفكرة فى اربعة مدراس أخرى داخل السودان.
المشروع الثالث الذى حفزنى لهذا النداء مهداة الى مدرسة آمنة قرندة بكوستى... الاستاذة آمنة قرندة معلم بارز من معالم المدينة ووريدها الذى ضخ دم المعرفة فى جيل البنات، الحكاية عنها تحتاج الى نشيد عالى فعلى يديها تعلمت كيف اتسلح بالمعرفة وأهبها لغيرى دون إدعاء، المدرسة التى خطيت على جدرانها أول دروس التحدى مثلى مثل جيل من البنات العارفات قيمة العلم حين تهبه هامة مثل الاستاذة آمنة قرندة، أتانى صوتها حين اشركتها فى هذه الفكرة طفرت روحى مدوزنة بذلك التاريخ المجيد، فصوتها الجهور الواعى ونبرة حزن على ماآل اليه الحال فى مدينتنا وفرحة أمل وليد منحتنى قوة اواجه بها حريق شب فى روحى، حكيت لها بانا سنهب هذه المدينة ما استطعنا ولنبدأ بالمدرسة التى ظلت شامخة احتفظت باسمك كمعلم بارز يحكى تاريخ التعليم فى هذه المدينة، فآمنة قرندة والاستاذة حلوة تبيدى عليها الرحمة لايمكن ان يتم طمس تاريخهما الحافل وإن حال قرن المأساة على مدينة لم تحفظ لهن الجميل كما ينبغى.
لاجل مدرسة آمنة قرندة تنظم مدرسة اليونسكو حفلا خيريا يعود ريعه لترميم المدرسة
اليوم تم ترشيح هذا المشروع لنيل جائزة افضل مشروع لمدرستهم فى هذا العام، قالت لى احدى التلميذات بلكنة محببة وهى تحاول ان تنطق اسم استاذتى آمنة قرندة، بانها تفائلت بها منذ ان حكيت لهم عن صمودها وقوتها وهى تهبنا اول دروس الحياة. إن الفائدة التى تعود علىالتلاميذ والتلميذات فى مدرسة اليونسكو وهم على أعتاب الجامعة ان يعلموهم/ن تخطيط المشاريع وفقا لاستراتجياتهم واوصل لهم رسائلى وفقا لاستراتيجات ومبادىء أؤمن بها، لسنا الوحيدين المسئوليين عن فقرنا؟ ورسالة حول مفهموم التضامن بدلا عن العطف والشفقة، وهذا يكفى فى هذه المرحلة.
حين رؤيتى { لبوستر} الحفل واسم أستاذة الاجيال آمنة قرندة يتوهط حلم مدرستها
و ياجمال أسمها مخطوط بماء الروح، ويالدندنة حروف اسمها وتلميذات فيينا يحاولن نطقه، ليتها كانت هنا لترى كيف فاضت عيون البنات النمساويات بالدمع، حكاية عن إمراة مثلها تستحق الانحناء و التكريم. فى نهاية شهر مايو تحصد المدرسة ماتود منحه لمدرسة آمنة قرندة، قليل او كثير سأعلن عنه وساسلمه لاهل الوجعة فى كوستى ليقوموا/ن بتدبير أمرهم وفق احتياجات المدرسة ويكفينى تصالحا مع الذات التواصل الذى خلقته مع بعض شابات مهمومات بالمدينة وعاملات فى مجال التنمية. جرى الدم فى عروق نفيسه اليافعة الامل، حادثتها بضعة مرات تلفونيا وعلمتنى دروسا جديدة عن انسان كوستى ووعيه وسطوة معرفته. حماسها للفكرة وماتقوم به ضمن أغصان نضرة من شابات آمن بكوستى الظالم أهلها...
يا آل كوستى ومحبيها.... تعالوا نشق نهرا فى قلب المدينة
تعالوا وتعالن نتشاور
نتحاور
نتعلم من تجاربنا لنصبح أكثر عملية
فكرة واضحة
خيوط ننسجها من واقع نسدلها على المدينة تقيها شتاء وهجير الفقر
الطريق يبدأ من هنا
kostidevelopment@hotmail.com
انتظر ان تعلمونى درسا آخر عن الوفاء

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

لم اكن ادرك قبل هذا بان هنالك اناساً بهذا العمق من الاحساس .. يتجردون ذاتاً قوية لطرح الدواخل وايمان الفكرة ..كوستي عشيقتي منذ الصغر ظللت باسوارها المترهلة انظر في دهشة وانكسار الى اغتصابها نهاراُ دون ان افعل شيئاً .. د.اشراقة حينما قابلتها في ندوة اقامتها جامعة الامام المهدي .. ادركت بان هذه هي كوستي الملامح القديمة .. ليتني اكن طوبة لبناء كوستي من جديد لتكون اشراقة الام لتلد اشارقة الثانية والثانية اللامتناهية...