بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

وجهاء كوستي

وجهاء كوستي - سودانيز اون لاين- عبد الحفيظ ابو سنhttp://www.sudaneseonline.com/uploadpic14/mar/Abosudan20saga3o.JPG


م بابكر:
الأخ والعم بابكر عبدالرحمن علي الشهير بـ "أبوصقعو" ... والد فايزة وأحمد .. فايزة، بالطبع تعرفونها، فهي علم ومن النادرات "الجابن رجالن" وهي زوج الأخ عوض صالح عبدالرحمن ولهما طائفة من الأبناء الصالحين الجد "عبدالرحمن" وسارة وسلمي والجد الأصغر بابكر "بكوري" ومحمد "سوسيو"...وخاتمة العقد أمنا "آمنة" ... 
عم بابكر جاء من رفاعة، ساعيا للرزق في مطلع شبابه، لكوستي لتتقاطع فيها دروبه مع دروب الأستاذ محمود محمد طه (خلاهو في رفاعة!! لقاهو في كوستي)!! فدلف الى سوحه مغنيا (اليلومني!! خلو اليلومني)... 
كان عم بابكر في شبابه ذاك موسيقارا لا يشق له غبار ومن طلائع من أسسوا نقابة الفنانين في كوستي (قضايا كوستي) (فايز ونجيب نور الدين والدار دارنا) ... حكى لي ابن العم د. عبدالله محمد صالح بعضا من علائق بتلك الدار العامرة وأهلها .. 
عم بابكر، مداعبا لي استاذي وعديلي فائز عبدالرحمن عبدالمجيد، "كون عزفه مش خيت على قدة"وفائز عضو معهم بالفرقة، يقول لي عم بابكر: نمشي نغني في مدرسة البنات الثانوية .. نحنا نعزف والبنات يتغزلوا في فايز (والشكر لي حماد) .. 
يبيع عم بابكر الإبار والخيوت في سوق كوستي نهارا ويشد "خيوط" كمنجته ليلا، ولكن بعد تقاطع دروبه بالخياط الأعظم ... "ابرتو بقت ما بتشيل خيتين" فآثر أن يركن قيثاره وينخرط في جوقة الألحان السماوية.. (هذا قبل أن تفتح كل الدروب فتؤدي لي الله "الأستاذ لصادق شيخ الدين جبريل مباركا له دراسة الموسيقي"..) .. 
زبائن عم بابكر "المستضعفين في الأرض" جلهم من النساء "هي دحين دة مالو لونو مايل كدي؟؟ دة ما بنفع للكروشي" .. وبعضا من صالحي غرب أفريقيا اللذين نزح أجدادهم لهذه الأرض الطيبة لما رأوا النور يستعلن فيها .. وظل أحفادهم، بعدما دفن الأجداد، في هذه الأرض الطيبة "يصلون وينتظرون" ... يجيئون لعم بابكر ... سنوسي ومحمد أول وابكر وثاني ... يرون في عم بابكر "انوار النبوة" التي نزح من أجلها أجدادهم، فلا يذهبون لغيره : "يا أم سأقأو انت طماأ والله .. هيت مهروك دة بسبأة قروش"!!! يا حاج خلاص .. خلاص أدفع ستة ونص .. يقولها عم بابكر وهو يضحك فقد أضحكه الحاج ولا بد أن يكأفأ علي صنيعه ذلك بتلك التعريفة، فعم بابكر نجاشي السوق ولا يظلم عنده أحد!!
بعد صحن الفول المدنكل والذي يتحلّق حوله كثيرون ... يأتي الشاي "السادة" ثم بعد حين "الفول المرّكب" ثم كليقة قصب السكر ... عبدالله عثمان بحب قصب السكر وانحنا بنحبو عشان هو بحبو .. تعال يا ولد جيب القصب دة ... و"عنكوليب الحديث" وعم بابكر بـ "عنكوليب الحديث" لخبير فقد صقلته الأيام بتجارب مع الناس والحياة ثرة زادتها الفكرة ثراءاُ ... الشاي "السادة" عنده مدوّر اليوم كله ويذكره بالحبيب الأعظم "ساكن ام درمان" ... 
يحكي عم بابكر عن أحدهم جاء من "ضهاري" موغلة في البساطة ... كوستي عنده حضر ولا كوبنهاجن!! تظل أم درمان في ذهنه لوحة باهرة رسمها فنان عظيم (دة محل الرادي رطن وخليفة المهدي سكن)!! بلد نسوانا سمان وعيالا ياكلو الزلابية بالعثل ثااايي!! يأتي أعرابي عمنا بابكر هذا من "جغب" كباية الشاي فيهو، "عثمان حسين" ديك، قد استحال لونها، بفعل لون مياه الحفائر، للون الكاكي والشاي لكثرة غليه وتكراره يصبح بلون القطران ... يأتونه في البندر بكباية شاي سادة بيضاء ترقش والشاي فيها "دم دكاترة"!! يدخل صاحب عم بابكر هذا في أحوال فـ "يترجم" (هيع !! أم درمان!!) يكررها ثانية بتخفيف الرأء والإسراع بالكلمة يملأ به فمه وهو رافع للكوب يتأمل فيه (هيع!! ام درمان!!)
يحكيها عم بابكر كثيرا عندما يجيء الشاي "السادة" .. يضحك، ثم يصمت، فجأة، وتكسو وجهه مسحة غريبة .. لا شك انه حينها ينتقل من الشاي "السادة" للسيد الذى "ضحكه التبسم ومشيه الهوينا ونومه الأغفاء" ... يصمت للحظات ثم ينادي:
تعال يا ولد!! جيب شاي "سادة" تاني!! كيف لا؟! فذاك يذكره، وكثيرا، به: "ساكن أم درمان".




ليست هناك تعليقات: